Important news ticker


يظهر من خلال الاستماع لكلمات الزعماء في الجمعية العامة للأمم المتحدة الخلاف حول مصير «بشار الأسد»؛ وفيما يقف الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» بقوة داعما لـ«الأسد» فإنه لا يبدو أن هناك تغييرا في مواقف كل من الولايات المتحدة وفرنسا من خلال الخطابات على الأقل.
حملت كلمة الرئيس الأمريكي رسالة واضحة بأن «الأسد» ليس له مكان في أي مخطط يتعلق بمستقبل سوريا السياسي، ودعا «أوباما» إلى التعامل بواقعية وهو ما يتطلب استبعاد «الأسد» وهذا يشير بوضوح إلى أن الموقف الأمريكي لم يتغير، ولا يبدو أنه سيتغير على الأقل حتى انتهاء فترة حكم الرئيس الحالي.
وبحسب ما أكد مصدر خاص لـ«الخليج الجديد»، فإن موقف الرئيس الأمريكي مرتبط بتفاهمات كامب ديفيد التي التزم بها مع زعماء دول الخليج، ثم أكدها خلال القمة التي جمعته مؤخرا بالعاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز» في البيت الأبيض.
ولم يكن الموقف الأمريكي وحيدا؛ ففرنسا أيضا تشدد على ضرورة أن يكون «الأسد» خارج أي حل لأنه من وجهة الرئيس الفرنسي هو أساس المشكلة.
أما تركيا، فقد أكد رئيس وزرائها «أحمد داود أوغلو»، إن رئيس النظام السوري ليس له أي دور في مستقبل سوريا، وإن موقف تركيا واضح للغاية بهذا الخصوص وهو «لا للأسد، ولا لتنظيم داعش».
وأضاف، في مؤتمر صحفي عقده بمقر الأمم المتحدة، «علينا ألا ننسى أيضاً أن التنظيم لم يكن موجودا في سوريا قبل 3 سنوات، وأن جرائم وفظائع الأسد هي التي أدت إلى ظهوره (داعش)».
أما المواقف العربية المعارضة لبقاء «الأسد»، فمازال الموقف السعودي واضحا حول عدم القبول بوجوده في أي حل سياسي بعد أن أشارت بعض التقارير لإمكانية حدوث ذلك بضغوط روسية أو ضمن صفقات إقليمية. أما الموقف القطري فهو قريب من الموقف السعودي أيضا وقد دعا الأمير القطري إلى «التعاون من أجل فرض حلّ سياسي في سوريا ينهي عهد الاستبداد ليحل محله نظام تعددي يقوم على خلق الفرص المتساوية للسوريين جميعا ويبعد عن سوريا التطرف والإرهاب ويدحرهما ويعيد المهجرين إلى ديارهم ويتيح إعادة بناء سوريا». كما أكد وزير الخارجية القطري «خالد العطية» إنه يوجد توافق دولي عام مع روسيا بشأن دعوتها إلى مكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» لكنه حذر من أن خطة الرئيس «فلاديمير بوتين» لا تعالج السبب الأساسي للأزمة في سوريا.
ومتحدثا في مقابلة مع «رويترز» أضاف المسؤول القطري: «نحن نعتقد بقوة أن النظام السوري - وتحديدا بشار الأسد - هو السبب الحقيقي».
روسيا وإيران ... ومصر
أما روسيا التي تعتبر النظام هو الممثل الشرعي للدولة وترفض أي أعمال في سوريا دون التنسيق مع النظام، فهي تتشبث بموطئ القدم الأخير في الشرق الأوسط وتدعو إلى دعم «الأسد» تحت ذريعة المواجهه مع تنظيم الدولة، وكذلك الحال مع الموقف الإيراني الذي يستميت في دعم «الأسد»، حتى أصبح هو من يقاتل فعليا في الميدان إما بصورة مباشرة أو عبر وكيله «حزب الله».
لكن على الرغم من تأكيد الزعماء الغربيين والعرب على موقفهم، فإنه من الناحية العملية ليس ثمة أي خطوات من شانها تهديد نظام «الأسد»، وحتى برامج تدريبه للمعارضة السورية وصلت إلى فشل ذريع جدا حيث أشارت بعض التقارير أن من بقي حتى الآن من الذين دربتهم القوات الأمريكية هم 4 عسكريين بعد أن جردت «جبهة النصرة» المجموعة المتدربة من عتادها العسكري. ومن الجهة الأخرى يتسارع الحشد العسكري الروسي في اللاذقية فيما يشبه الاحتلال، حيث العتاد والجنود روسي بامتياز. وهو ما دفع كثير من المتابعين للقول أن «بوتين» لا يخوض معركة من أجل إبقاء «الأسد» بقدر ما يثبت أقدامه استراتيجيا في سوريا تمهيدا لحقبة ما بعد «الأسد».
سماح الغرب لكل من روسيا وايران بتكريس التواجد العسكري الفعلي والبري في سوريا دون اتخاذ اجراءات رادعة نقطة تضاف لمصلحة المعسكر الذي ينادي ببقاء «الأسد»، أو نظامه، كما تضع الكثير من الشكوك حول المواقف المعلنة من قبل الدول الغربية، وهذا ما دعا وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» إلى القول بأن الموقف الغربي قد أسيء فهمه.
أما مصر، فيتضح أنها تقبل بوجود «الأسد» بل وتعمل على التنظير للحلول التي تعمل على إبقائه؛ حيث ذكرت بعض المصادر أن «السيسي» قام بالاتصال بالملك «سلمان» قبل أيام محاولا العمل على تقريب وجهات النظر الروسية والسعودية، وقد زعم السفير المصري السابق في السعودية «فتحي الشاذلي» إلى أن الاتصال أسفر عن مرونة في الموقف السعودي فيما يتعلق ببقاء «الأسد» لفترة انتقالية وإعطائه فرصة جديدة.
لا رحيل فوري
الموقف الألماني رحب بمشاركة روسيا في التحالف ضد تنظيم الدولة، وصرحت المستشارة الألمانية «أنغيلا ميركل» قبل أيام قليلة بأنه يتعين الحديث مع «الأسد» أيضا. وكانت وزيرة الدفاع الألمانية أكثر وضوحا بقولها إن: «الأسد لايمكن أن يكون جزءا من حل طويل المدى». وهذا يدل أن ثمة موقفا غربيا مستعد لقبول وجود «الأسد» في المدى القريب خوفا من بديل جهادي متوقع، وهو ما قد يؤدي عمليا إلى مزيد من تثبيت النظام الذي سيعمل مع حلفائه على استعادة عافيته.
إن المؤكد من كل ما سبق بين المحاور والدول المختلفة أنه لا يوجد أحد يطالب برحيل فوري للأسد، وخاصة أن جيران سوريا، باستثناء تركيا، يريدون بقاءه كما هو الحال في إسرائيل والعراق وحزب الله في لبنان. كما أن الحلف الذي تعمل عليه روسيا وايران لمواجهة تنظيم الدولة قد يكون ضمن ترتيبات متفق عليها مع الإدارة الأمريكية التي تواجه صعوبة في اتخاذ قرار أو اقناع بقية حلفائها بالمشاركة في المواجهة البرية مع التنظيم.
إن خلاصة القول فيما يتعلق بمصير «الأسد» في أي حل مستقبلي في سوريا أن الكفة سترجح إلى الطرف الذي سيثبت قوته العسكرية على الأرض وسيسعى لاقناع بقية الأطراف ضمن صفقات أو بفرض الأمر الواقع، وغني عن الذكر أن «الأسد» نفسه صار مفعولا به بعد أن أسلم زمام المعركة سياسيا وميدانيا لموسكو وطهران، وأنه أصبح مجرد بيدق على رقعة شطرنج يتنافس حولها قوى إقليمية ودولية.