Important news ticker

بعد القرارات السريعة والحاسمة التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين في التعاطي مع حادثة الرافعة التي أودت بحياة العشرات من حجاج بيت الله الحرام، فإن قراره بتشكيل لجنة عاجلة لدراسة أسباب التدافع الذي حدث في منى وتحديد الأطراف المسؤولة عنه يأتي في مسار المعالجة لمثل هذه الحوادث.
نترحَّم بداية على جميع الضحايا الذين فقدوا أرواحهم الغالية وهم ينوون أو بالفعل أتموا أداء شعائر الحج، وندعو لجميع المصابين والمفقودين أن يمن الله عليهم بالصحة والعافية والعودة لأهاليهم وديارهم سالمين. ونثمِّن جهود كل من عمل وساهم في خدمة الحجاج، وقدم لهم ما يحتاجونه لتسيير أمورهم، عرفاناً بالواجب الملقى على وطننا وحكومته وشعبه لخدمة ضيوف الرحمن.
الحوادث المتتالية التي وقعت قبيل وأثناء حج هذا العام بالتأكيد أنها أثارت القلق والأسى لدى الجميع، وبالخصوص لدى عائلات وأسر وأهالي الضحايا والمصابين والمفقودين، وفتحت بالطبع الأبواب واسعة أمام تساؤلات لا نهاية لها من قبل جميع المهتمين والمتابعين والمسؤولين في داخل وخارج المملكة.
ليس هناك أدنى شك في أن جهوداً كبيرة تبذل من قبل مختلف الجهات والإدارات الحكومية لتسهيل أمور الحجاج وتوفير أفضل السبل لهم، لكن ذلك لا يعني أبداً عدم وجود أوجه قصور أو تقصير تحدث أحياناً لأسباب مختلفة قد تكون بعضها خارجة عن الإرادة.
ما يهمنا بالتأكيد هو أنه كيف يتم توظيف كل هذه الجهود الكبيرة التي تبذل على مدار العام – وليس في موسم الحج فقط – من أجل أن يؤدي ذلك إلى أن يكون أداء مناسك الحج أكثر سلامة وأمناً ونجاحاً، بعيداً عن المشكلات والمنغصات والمعوقات التي تبرز في بعض المواسم وينتج عنها آثار وخسائر بشرية ومادية ومعنوية، وتضيع كل الجهود الجبارة التي تبذل في هذا المجال.
بعضهم يحاول أن يجد تفسيرات “غيبوية” أو مجهولة لمثل هذه الحوادث اعتقاداً منه بأن ذلك سيكون مخرجاً عن مواجهة المشكلة، ولكنه يتناسى أن مثل هذه التفسيرات تعد مسلكاً لا تعبِّر عن مكانة الدولة وهيبتها وقدرتها. والحال أن منبع ذلك قد يكون كرد مبرمج على بعض الحملات الإعلامية والمواقف السياسية الخارجية.
الأمر لا يعدو أن يكون نتيجة خطأ ما وقع أثناء الموسم وقد يقع مستقبلاً، ومسؤوليتنا الإنسانية الشرعية والوطنية والقانونية هي أن نبحث عن هذا الخطأ ونحدده بصورة دقيقة وعلنية وواضحة، ونكشفه بكل صراحة للجميع، حتى لا يكون هناك مجال للتأويلات والتكهنات والإثارات.
فإن كان الخطأ بسبب الحجاج أنفسهم، وعدم التزامهم بالتعليمات، فلا بد أن يكون ذلك واضحاً، ونبدأ في معالجته لئلا يتكرر مستقبلاً، وإن كان بسبب تقصير من أي جهة خدمية تعمل في تنظيم الحركة في الحج، فنحن بحاجة أيضاً إلى توضيح ذلك، والعمل على معالجة الخطأ إن وجد.
وسائل المراقبة الأمنية في كل المشاعر موجودة بلا حصر، ومن المؤكد أنها رصدت بداية بروز المشكلة ومصدرها، وبالتالي فإنه بالإمكان فك ألغاز الحدث المؤلم والإفصاح عن ملابساته، حتى نكون أمناء على أنفسنا وعلى ضيوف الرحمن الذين يفدون إلى بلادنا، وأن نخطط في المستقبل لحج آمن.
نترقب جميعاً أن تقوم اللجنة المعنية التي أمر بتشكيلها خادم الحرمين الشريفين بالكشف عن تحديد الأسباب الحقيقية، والبت عاجلاً في سبل المعالجة والوقاية المستقبلية لئلا تتكرر مثل هذه الأحداث المؤلمة.
* جعفر الشايب كاتب وناشط حقوقي، راعي منتدى الثلاثاء الثقافي، وعضو المجلس البلدي بمحافظة القطيف.